بعد تمكين الطفل حياتياً، وتعزيز ثقته بنفسه، ونفض الغبار عن إمكاناته الشخصية التي يتمتع بها، وإكسابه المهارت التي يمكنه التسلح بها لاستثمار هذه الإمكانات بالشكل الذي يضمن له تحقيق مستقبل مبهر، يدخل الطفل إلى برنامج صناعة النجوم، والذي يهدف لصناعة نجم صغير من هذا الطفل المتوازن من خلال إشراكه في واحد من المجالات الرياضية (كرة قدم، كرة سلة، تايكوندوا، شطرنج) أو الفنية أو العلمية (هندسة، روبوتكس) وبعد ذلك يتم تنسيبهم للأندية والأكاديميات الأردنية المختصة كل في مجاله، ليتم بعدها إشراكهم في البطولات المحلية والدولية في سبيل تحقيق شغفهم بتمثيل اسم الوطن الحبيب ورفعه عالياً بما يحصلون عليه من ميداليات.
منذ صغري وأنا أحلم بأن أكون يوما مدربة تايكوندوا وأحصل على العديد من الجوائز والميداليات، التحقت بنادي التايكوندوا القريب من بيتي ولكن بعد فترة وجيزة اندثر حلمي تحت التراب مع وفاة والدي
ومع صعوبة الحياة التي بدأت تواجه والدتي، كان القرار بأن أتخلى عن حلمي وأبدأ أتعايش على سوء الوضع المادي
في كل مرة كانت تقول لي أمي فيها أنه يستحيل وجود شخص يعيد استقامة ظهرها بعد انكساره مع وفاة والدي، كنت أدعي الله بأن يجعلني هذا الشخص الذي تقول أمي عنه مستحيلا
وبعد خمس سنوات من الانقطاع، ضحك لي القدر مرة أخرى، وبدون سابق إنذار، حصلت على منحة من خذ فرصة للالتحاق بنادي التايكوندوا الذي لطالما حلمت به
اليوم وبعد تكريمي من اجتيازي لفحص الحزام الأسود، أقف أمام نفسي وأقول "لقد فعلتها... وأصبحت بنظر أمي المستحيل"
كنت أحرص طوال الوقت أن أخفي يدي المشوهة عن باقي أقراني خوفا من أعيد لحظة من لحظات التنمر التي كنت أعيشها بطفولتي، بعد التحاقي للمنحة ومع محاضرة المدربة كيف ننتهز الفرص التي عرضت فيها نماذج كثيرة حول أشخاص يشبهون وضعي بل هم أسوء مني بكثير لكنهم فعلوها
بدعم من إدارة البرنامج وبقرار داخلي مني، قررت أن أسخر يدي المشوهة في صقل موهبتي ولن أجعل تشوه يدي يعيقها
بعد اجتيازي للشق الأول من المنحة، التحقت بالشق الثاني وانضممت لنادي الفنون
بهذه اليد أفتخر بجمال رسماتي وإتقاني للمهارات التي تعلمتها وما زلت أتعلمها وقريبا سأدعوكم لمعرضي الفني
جميع علاماتي مميزة إلا في الرياضيات والفيزياء، كنت أحصل على علامة النجاح فقط في كلتا المادتين، كان الخوف يلازمني حين علمت بأن لدي مقابلة وامتحان لأخذ منحة في نادي الهندسة الإلكترونية، ولكن عندما اجتزت الامتحان زاد شعوري بالخوف أكثر، ظننت أني بالمكان الخطأ، أو أنني أخذت منحة لا تناسب مستوى فهمي، أو أنني سأخذل إدارتي باتكالهم علي.
بدأت أتعلم أساسيات الهندسة وأتقنها بكل حب، اكتشفت أن لدي شغف كبير بالهندسة، بدأ ينعكس هذا الشغف على علاماتي في المدرسة خصوصا في مادة العوم والرياضيات، وعلى مستقبلي الذي تعلمت كيف أخطط له مع خذ فرصة، أصبحت أدرك أدق التفاصيل وأرى جميع الأشياء من منظور آخر، وأسقط كل ما تعلمته وما زلت أتعلمه على كل شيء أراه، حتى وصلت لمرحلة أن أخترع لأحل المشكلة
نعم أنا مهندس، حتى لو كنت بالرابعة عشر من عمري
كنت أحضر لقاء لطفل ذكي على التلفاز، كان يسأله المذيع عن معادلات رياضية كبيرة وكان يجيب عليها بسرعة البرق ودون استخدام آلة الحاسبة، بأعلى صوتي قلت هذا لا يصدق
كيف لطفل صغير من عمري يجيب هكذا
يبدو أن المذيع أخبره عن الجواب قبل الحلقة، أو ان والدته سريعة سرعة البرق في الحساب على الآلة الحاسبة وتقول له الإجابة من الخلف
انتهى هذا اليوم ولن أفكر بذلك الموضوع أبدا، لأن عقلي لن يصدقه
بعد فترة وجيزة، انضممت بمنحة لنادي العبقري الصغير، وإذا بي أتعلم لأصبح مثل ذاك الولد الذي شاهدته على التلفاز
أتعلم الألوها وأحسب باستخدام يداي الصغيرتان مرة وباستخدام العداد مرة أخرى
أصبحت أتقن الحساب الذهني، وأقف أمام طلاب الصف في مدرستي بكل فخر وأجيب على الأسئلة بسرعة ودقة وجميع من حولي مذهولين